مع حلول نهاية عام 2022، سوف يشهد التعاون القائم بين جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وشركة الخدمات الفضائية العالمية «سباير جلوبال» Spire Global إطلاق قمر صناعي
فائق الصغر يسمى «كاوست كيبوب سات»KAUST CubeSat . يُعدّ هذا النظام الأول من نوعه، حيث لا يتعدى حجمه حجم صندوق الحذاء، وسيجمع صورًا عالية الوضوح تساعدنا على فهم أفضل لأنظمة الأرض البيئية، سواء البرية أو البحرية.
يقول ماثيو مكابي، مدير «مبادرة المناخ وقابلية العيش في كاوست»KAUST Climate and Livability Initiative: "تمنحنا الأقمار الصناعية من نوع «كيوب سات» القدرة على إطلاق منصات مصممة خصوصًا لأغراض محددة، بتكلفة أقل بكثير من تكلفة الأقمار الصناعية التقليدية".
سيتيح قمر «كاوست» الصناعي للباحثين جمع صور عالية الوضوح وفوق-الطيفية، التي تجمع المعلومات وتعالجها من مختلف أنحاء الطيف الكهرومغناطيسي، وتحليلها، يمكن استخدامها لتحقيق أهداف عديدة، منها تحديد مواقع الموائل فوق سطح الأرض، ورصد جودة الغطاء النباتي وهيئته، واستكشاف الأنظمة البيئية الساحلية والشعاب المرجانية، وتطوير أبحاث الزراعة الدقيقة.
يضيف مكابي قائلًا: "يمثل هذا القمر الصناعي، بفضل أدوات معالجة البيانات وتعلم الآلة المزوّد بها، سلالةً جديدة من منصات الاستشعار عن بعد".
في العادة، لا تستطيع الأقمار الصناعية التقليدية الجمع بين تكرار رصد المواقع على الأرض، وتفحصها بالتفصيل. ولكن كوكبات الأقمار الصناعية الأصغر والأقل تكلفة من نوع «كيوب سات» تتلافي هذا القصور وتجمع صورًا عالية الوضوح كل يوم.
أدرك مكابي منذ زمن طويل أهمية العمل مع مؤسسات صناعة الفضاء لتحقيق الفائدة القصوى من نتائج الأبحاث العلمية، إذ إنه قد تعاون في السابق مع شركة «بلانيت» Planet للاستفادة من منصات «كيوب سات» التابعة لهم، والآن يعمل مع شركة «سباير» Spire على إطلاق منصة أقمار صناعية متعددة الاستخدامات.
يقول مكابي: "إن الاستفادة من كافة الإمكانيات المتاحة عامل محوري، إذ إن عملية إطلاق قمر صناعي تتضمن خطوات عديدة، بدءًا من تصميم المستشعرات، ومرورًا بتركيب الحمولات الضرورية، وانتهاءً بالعمليات التي ستجرى في الفضاء، وهو ما يستحيل تحقيقه دون عقد شراكات مع قطاع الصناعة وفي غياب التعاون الدولي".
"يشهد مجال رصد الأرض ثورة مبهرة في الوقت الراهن، تُعيد تشكيل وعينا بالأثر الذي نتركه على البيئة وفهمنا له".
ويتابع قائلًا "تساعدنا الأقمار الصناعية من نوع «كيوب سات» على ابتكار أدوات جديدة لرصد كوكب الأرض، من خلال دمج المستشعرات المتطورة وإمكانات معالجة البيانات على متن هذه الأقمار التي تقدم رصدًا حيًا ورؤًى علمية عميقة عن الكوكب وما يدور فيه».
وقد استعان فريق العمل في كاوست قبل ذلك ببيانات أتاحتها أقمار «كيوب سات»، وغيرها من الأقمار الصناعية الأخرى، في عمليات مراقبة جودة المحاصيل ومعدلات الري، لصياغة تصور لاستخدام المياه في السعودية، وهو ما يساهم في رسم السياسيات المستقبلة الرامية لتعزيز الأمن المائي.
وبينما يتطلع مكابي للإمكانات التي تقدمها الصور عالية الوضوح وفوق-الطيفية الجديدة التي سيتيحها القمر الصناعي، وقدرتِها على إحداث نقلة في مجال الزراعة الدقيقة، فإن البيانات سوف تساهم كذلك في تطوير مجال بحثي أوسع وهو تخصص علوم النظام الأرضي.
يقول مكابي: "يشهد مجال رصد الأرض ثورة مبهرة في الوقت الراهن، تعيد تشكيل وعينا بالأثر الذي نتركه على البيئة وفهمنا له. وتساعدنا أساليب الرصد المتقدمة على تحقيق تواصل أكثر استدامة مع الطبيعة من حولنا".