Skip to main content

مكافحة نوع من الحشائش عالي المقاومة للمبيدات تعزز الأمن الغذائي العالمي

«كاوست» تتعاون مع مؤسّسةُ «بيل ومليندا جيتس» لمواجهة التحدّيات العالمية المتعلقة بإنتاج الغذاء والأمن الغذائي باتباع نهجٍ طويل المدى ومتعدد الجوانب.

في محاولةٍ لتحسين محاصيل المزارعين المحليين وزيادة الأمن الغذائي في المنطقة، يَستعين مشروعٌ ضخمٌ في بوركينا فاسو والنيجر بأساليب قائمة على الجينات والهرمونات، لمكافحة نوع من الحشائش المقاومة للمبيدات تغزو محاصيل الحبوب.

ويقود سليم الببيلي، أستاذ علم النبات، مشروعًا لمنع تفشِّي حشائش دغل الساحرة الأرجواني (Striga hermonthica)، والذي تُموِّله مؤسّسة «بيل ومليندا جيتس» وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست).

وحشائش دغل الساحرة الأرجواني نباتٌ طفيلي يغزو محاصيل الحبوب، لا سيّما في إفريقيا، ويسبّبُ خسائر سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار أمريكي، ويعيش على امتصاص المياه والمغذّيات من المحاصيل المُضيفة، مثل نبات الدُّخن اللؤلؤي pearl millet (أحد النباتات النجيلية، وله فوائد متعدّدة للإنسان والحيوان، لاحتوائه على عناصر غذائية مفيدة للجسم كالحديد وحمض الفوليك).

ويتعاون الببيلي في هذا المشروع الطَموح مع خبراء في مجالات الكيمياء والبيولوجيا البنيوية ونظم المعلومات البيولوجيّة والفِلاحة وعلوم الحشائش وعلم الجينات واستزراع نبات الدُّخن اللؤلؤي، وينتمي هؤلاء الخبراء لجهاتٍ ودول مختلفة، منها «كاوست» واليابان وهولندا وبوركينا فاسو والنيجر، إضافةً إلى شريكٍ من قطاع الصناعة، وهو شركة «يو بي إل» UPL.

ويستعين الببيلي بما يعرفه عن عمليات التخليق البيولوجي للهرمونات النباتيِّة، لتطوير استراتيجياتٍ تهدف إلى إعاقة التفاعلات بين نبات الدغل الطفيلي ومضيفه، ولتحديد العوامل الجينيَّة التي يمكن أن تساعد على زيادة مقاومة نبات الدُّخن اللؤلؤي لتلك الحشائش.

© 2021 KAUST

وعن تلك الجهود يقول الببيلي: "نحاول حلَّ المشكلة الضخمة المتمثّلة في العدد الهائل من بذور حشائش دغل الساحرة المتراكمة في التربة، فكل نبتةٍ منها تستطيع إنتاج ما يصل إلى 200 ألف بذرة، هذه البذور يمكنها النمو في التربة لنحو عشرة أعوام".

ويشير الببيلي إلى أن الجائحة فاقمت من التحدّيات المتعلقة بإدارة وتنسيق المشروعات الضخمة مثل هذا المشروع.

 ويغطي المشروع كافة عناصر عملية البحث وتطوير المشروع، بداية من الأعمال الاستكشافية في المختبر، مرورًا بإجراء التجارب في الصوبات الزجاجية والحقول الصغيرة، وانتهاءً بإجراء تجارب أكبر في حقول صغار المزارعين.

وعن هذا يقول الببيلي: "صمَّمنا مراحل المشروع لتبدأ بتطوير وتخليق المركبات القائمة على الهرمونات مع شريكنا في جامعة طوكيو، كما ستتضمن تلك المراحل عديدًا من التجارب البيولوجية في «كاوست»، ثُمَّ في حقول المزارعين بمنطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا".

وتابع قائلًا: "إن تطوير الحلول العلمية لمشكلات الواقع يتطلّب أبحاثًا مستفيضة في مجالات العلوم الأساسية، وفور أن تكتشف شيئًا يمكن تطبيقه، عليك أن تجازف، وبالتأكيد تحتاج حينها إلى شركاء موثوق فيهم، لديهم خبرات تكاملية".

واستطرد الببيلي: "أنا متفائلٌ إلى حدٍ كبيرٍ، فالتجارب الميدانية مع المزارعين تبدو واعدةً، ولدينا الآن شريكٌ من قطاع الصناعة ليساعدنا على تحسين التركيبة وبروتوكولات الاستخدام، وما إلى ذلك".

© 2021 KAUST

ووفقًا للببيلي فإن مزارعي المنطقة يواجهون عدّة تحدّيات، أهمها "البنية التحتية شديدة السوء، والتربة غير الصالحة للزراعة، كما أنَّهم يعتمدون على نوعياتٍ محلّية من النباتات مُتكيِّفة مع ظروف المنطقة، لكنَّها كثيرًا ما تكون ضعيفة الإنتاج"، علاوةً على ذلك، يواجه المزارعون تحدّيات التغيُّر المناخي، وارتفاع درجات الحرارة، وتعاقُب فترات الجفاف.

واختتم الببيلي بأنه يحلم مثل عديد من العلماء، بأن يرى عمله في المختبر يفيد البشرية، موضحًا: "مواجهة التحدّيات الهائلة هي ما يحفّزني، فنشر الدراسات وحل الألغاز العلمية يُشعرنا بكثير من الرضا، لكنَّ ذلك لا يُقارَن بشعور الرضا الذي يغمرك حين ترى أنَّ عملك يساعد في التغلّب على تحدٍ عالمي كبير".