Skip to main content

 قضاء فترة "إغلاق" مثمرة باللعب بكُرياتٍ غير عادية

كُريَّات سائلة فريدة البنية، لها تطبيقاتٌ هندسية متنوعة، لكنْ لم يدرس أحدٌ من قبل كيف تتأثر في تبخُّرها.

عندما أدّت تدابير الإغلاق أثناء جائحة كورونا في عام 2020 إلى غلق المختبرات في جميع أنحاء العالم، عمل أدير جالو جونيور، طالب الدكتوراة بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بنصيحة مشرفه الأستاذ المساعد هيمانشو ميشرا، فأخذ بعضًا من الكُرات الصغيرة (البِلْي) إلى المنزل ليلعب بها، إلَّا أنَّها لم تكن كُرياتٍ عادية، بل سائلة؛ دقيقة الحجم، ومصنوعة من قطرات مياه مُغَلَّفَة بجسيمات السيليكا الطاردة للماء.

والسيليكا جل يتكون من مادة السيليكا، وهي مادة شديدة الامتصاص للرطوبة، وذات درجة حموضة عالية، ولها استخدامات عديدة، حيث يتم وضعها على شكل كُرات صغيرة جدًّا في الأحذية، وحقائب اليد الجلدية، وغيرها من السلع، للحفاظ عليها من التلف الناتج عن الرطوبة.

أول مرةٍ اكتُشِفَت فيها هذه الكُريَّات السائلة كانت على أيدي علماء يدرسون سلوك حشرة المن (قمل النبات)، التي تعيش داخل تكويناتٍ غير طبيعية تنمو على النباتات، وتُحْدِث تَدَرُّنات (أورامًا) في النباتات. تُفرز هذه الحشرة كُريَّاتٍ سائلة، عن طريق تغطية فضلاتها بمادةٍ شمعية، حتى لا تغرق فيها.

وعن هذه الكُريَّات يقول جالو: "الكُريَّات السائلة هي بِنى فريدة، لها تطبيقاتٌ هندسية متنوعة، لكنْ لم يدرس أحدٌ من قبل كيف تتأثر في تبخُّرها باختلاف نوعية الجسيمات التي تغلفها وأحجامها، وخصائص الاحتكاك لديها. وقد ألهمتني أنماط البيانات التي جَمَعَتْها زميلتي فرناندا تفاريس، أنْ آخُذ المعدات إلى البيت، لِأَدْرُس تلك الكُريَّات".

استعان جالو بجسيماتٍ مُغلِّفة مختلفة، حضَّرها في المختبر زميله راتول داس، الباحث في «كاوست». وشرح جالو سبب ذلك قائلًا: "لم أَكُنْ لأستطيع تحضيرها في المنزل، لأنَّها عمليةٌ معقدة إلى حدٍّ مذهل، لكنَّني تمكنتُ من تحضير الكُريَّات في بيتي".

وكي يُجري تجاربه، أعدَّ جالو تجهيزاتٍ بسيطة، تتضمن كاميرا تعمل بتقنية التصوير بالمقاطع المتتابعة time-lapse، تعتمد على التلاعب في الفاصل الزمني بين المَشاهد المختلفة المصورة، ووضعها على مكتبه في البيت، لرصد الطرق التي تتبخر بها الكُريَّات المتباينة. وكان عليه أنْ يحرص على ألَّا يُفرِط في تسخين الكُريَّات، وذلك بالتأكُّد من عدم تعريضها لقَدْرٍ زائد من الضوء. وعندما بدأت مجموعةٌ من الكُريَّات المُغلَّفة بجسيماتٍ نانوية لزجة تُبدي نتائج مدهشة، أصبح جالو متحمسًا للغاية.

وحسب جالو، فإن ما حدث هو أنَّ "أغلفة الكُريَّات أصبحت أغلظ مع تبخُّر الماء الموجود داخلها، ربما لأنَّ جسيماتها كانت تُدفَع إلى الخارج بعيدًا عن سطح الماء، لتشكل أغلفةً متعددة الطبقات. أسفر هذا عن بقاء أغلفةٍ فارغة بعد نفاد الماء. وقد حمَّسني هذا بشدة، إلى درجة أنَّني لم أكن قادرًا على انتظار نتائج التصوير المتقطع. لذا كنتُ أنام والأنوار مضاءةً لعدة ليالٍ، لجَمْع البيانات!".

ومن خلال الجَمْع بين البيانات التي تَوصَّل إليها في فترة الإغلاق، والبيانات التي جُمِعَت في السابق، استطاع الباحث وضع منظومة قواعد شاملة لتوقُّع مصير الكريَّات السائلة حين تتبخَّر.